ندوة السرد الرابعة : فن القصة القصيرة بين التشكيل السردي والمنظور النقدي

نشّطت “الرّابطة الوطنيّة للسّرد لاتّحاد الكتّاب الجزائريين “ندوة السّرد” الرّابعة التي وسمت في هذا العدد بـ “فنّ القصّة القصيرة بين التشكيل السّردي والمنظور النّقدي ” وذلك بمكتبة المطالعة العمومية نورة بن يعقوب – حاسي بحبح- .. ألقى ورقة الندوة القاص والنّاقد أبو الخير عماري، لمدّ ساعتين تقريبا، بحضور نوعي، من باحثين وأساتذة ومبدعين وطلبة، أثار من خلالها إشكاليّة المفاهيم والمحدّدات، عند العرب والغربيين، بدءا بمكوّناتها وتقنياتها، باعتبارها حديثة سن بالمقارنة مع أجناس أدبيّة أخرى، وتشكّل روافدها أهمّ محطّة نقديّة استوقفت النّقاد من الجهتين، وقراءتها من وجهات نظر مختلفة إلى حدّ التناقض، فقد استلهم كتابها موضوعاتها من الواقع ومن الفرد نفسه لارتباطها بالنشأة والفكر والمجتمع ولحظات يقظة وتأمّل وحلم ومونولغات بسيطة ومعقّة، ولها خصوصيتها الأدبيّة واللّغوية، ومجال ممارستها يختلف كثيرا عما هو متاح للرّواية، ولعلّ اعتقاد بعضهم العزوف عنها أسبابه مستوى الطّرح الذي تختصره القصّة في عمليّة التكثيف والتركيز في تشخيص المعنى وشعرنته، التي قد يستعصي تلقيها على الكثير إن لم نقل كلّ القرّاء على عكس ما تمنحه الرّواية كما يعتقد البعض، الأمر الذي جعل قراءتها تحدّد بمقاييس لغويّة ومرجعيّة ثقافيّة محترمة في أساليب الكتابة وتوظيف الرّمز وحسن استغلال الظواهر، يستغنى فيها أحيانا حضور الشخوص لاعتبارات فنّية قصديّة فكريّة يحدوها في كثير من مواضعها الغموض والتعقيد، ومن جهة أخرى يمكن أن نعتبر القصّة محدودة الخطاب لا تكشف عن حودثها/حادثة بسهولة حتى تستميل المتلقي و تمرّره عبر محطّات متشابكة، مجزّأة ولكنّها مترابطة إلى حدّ الصّورة، بينما تشكّل الرّواية متنفسا كبيرا وفضاء يسع كلّ الاحتمالات الواقعيّة والاجتماعية والتاريخيّة، الأمر الذي دفع كثيرا من الكتاب يهجرون القصّة نحو الرّواية أو من الشّعر إليها، بينما لم يحدث العكس إلاّ نادرا على ما نعلم، تساءل أحدهم، وأسئلة أخرى أثارها الحضور أيضا، كقضيّة “دورها” المنوط بها، وفي ظل المستجدّات هل يمكن أن نقول بتراجع القصّة مع ما أحدثته الرّواية في االعشريتين الأخيرتين…؟ الأمر يتوقف على حضور القارئ والكاتب معا كمعطى أساسي للبقاء، لأنّ العزوف مسّ الاثنتين بتفاوت.