نشاطات الملحقات

العدد الثاني من جلسات ندوة السّرد

العدد الثاني من جلسات ندوة السّرد

تمّ بحمد الله مساء اليوم الخميس 27 صفر1442هـ الموافق لـ 15 أكتوبر 2020م تنشيط العدد الثاني من جلسات ندوة السّرد بالتنسيق مع مكتبة المطالعة العمومية نورة بن يعقوب بحاسي بحبح، وبحضور ومشاركة مميّزة، لأساتذة وباحثين ودكاترة وطلبة وطالبات…
ميّز الجلسة جملة من الملاحظات العلميّة والمنهجيّة والفكريّة والأطاريح النّوعية التي بادر بها المشاركون بدءا بالمفهوم التّاريخي لعتبة العنوان
(في أدب الكوارث والعلل أنموذج حمّى المتنبي …قراءة في الإيقاع والسّرد) والوقوف عند دلالات ظاهرة الكوارث التي تصيب البشريّة قديما وحديثا، والتّعريف بالتّجارب الفرديّة وآثار العلل الجسديّة والنّفسيّة والاجتماعيّة والإبداعيّة والفنّيّة، الواقعي منها والمتخيّل، شعرا وسردا كما حدث في تراثنا العربي القديم والحديث، عند كثير من الأدباء، في وصف المدن المنكوبة ورئاثها، فعلى مستوى الشّعر تحوّلت التّجارب والعاهات والعلل إلى خبرات فنّية فائقة في كتابة الشّعر وتحويلها إلى صور ومشاهد أسهمت فيها البلاغة العربيّة بمختلف مجازاتها وفنونها البديعية إلى لوحات وأصوات منقطعة النّظير، ارتقت بها إمكاناتهم اللّغويّة وتحكّمهم في ناصيّة العربيّة وحسن اختيارهم لمشاهد الحياة وأعراض الأمراض أو العاهات التي جعلت منهم عباقرة في إضافة فنّ أدبي مختلف ومميّز، كالذي رأيناه في شعر بشّار بن برد وأبي العلاء المعرّي وغيرهما، واستطاع المتنبي أن يفوقهم حسّا ورهافة في أشهر قصائده الوجدانية، إذ تحوّلت قصيدته الشّهيرة(وزائرتي…في وصفه للحمّى) إلى نموذج إنساني خالد في تاريخ الشّعر العربي القديم والحديث، وعبّر باقتدار عن العمق النّفسي والضرر الجّسدي الذي تلحقه به هذه الجائحة وقد حرمته من متعة الحياة وتحقيق حلمه، والمعروف عنه تعلّقه الشديد بالمقامات الكبيرة لدى الخلفاء والأمراء، وقد بدا جليا في هذه القصيدة برّغم من مصابه شاعرا مفاخرا طموحا لا يرضى التّنازل ومتحدّايا كلّ العوائق، حتى تلك التي تسري في جسده، فكان بذلك الإنسان القوي ذا النّفس الطّويل في مقارعة الأعداء وكلّ الخصوم.
وقد شكّلت هذه القصيدة هاجسا كبيرا لدى الكتّاب والنّقاد لما تتضمّنه من أفكار وألفاظ ومعان مختارة ومنتقاة بذكاء، واستطاع أن يجعل من بحر الوافر صياغة إيقاعية عذبة ومعجم موسيقي مثير، واختياره لهذه القافية كان مقصودا وعن وعي ما يعني أنّ المتنبي من النّوع الذي يتعاظم في كتباته التي تستهوي الصّغير والكبير والعظيم والبسيط، والحكيم والمتعلّم…ولكنّه يترك مسافة بينه وبين الخصوم في السّياسة والشّعر…
والملفت في هذه القصيدة أيضا حضور النّفس السّردي الذي قابل فيه بين شخصيات افتراضية محوّلة عن اللاعاقل، بداية من توجيه حديثه إلى (الحمّى) وإغراقه في تفاصيل الألم وإحصاء المحن والإحن، ودخوله في صراع مرير مع أسباب تسلّط الحمى بين عتاب وتحد وصبر، إلى أن تنتهي القصّة بقوّة سطوة شعره وقوّة تجلّده لكلّ أنواع العلل والمصائب التي يرى أنّه قد اعتادها وبأنّها غير قادرة على هزمه…
ـــــــــ
ندوة السّرد/ مكتبة المطالعة العمومية نورة بن يعقوب/ حاسي بحبح.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى